08‏/09‏/2011

الأحزاب السياسية وحمى الدور الواحد



يجد المواطن نفسه هذه الأيام مجهدا يحاول الإمساك بمشهد ما ...فيراه محتميا بالغموض فلا

يطاله...يغازل ملامح باهتة في محاولة للحصول على صورة واضحة فلا تأتيه..ولا يستطيع إليها سبيلا ..

يضغط على رأسه الذي لم يعد بمكانه ..اذ يشعر وكأنه أجتث من منبته في عملية ارتطام بالواقع

..وهاهو الآن يسويه ويطمئن عليه ويحاول إفراغه من أحلام طالما راودته وأغرته برسم معالم مريحة..

استفاق التونسي ليجد الساحة تكتظ بالأحزاب السياسية والشعارات والأحلام ..مشهد جديد لم يتعود

عليه جعله ينفعل ويشحن بالفرح...كأن هذا المشهد صحي فهو يوحي بمعنى ما ..بالحرية..

اجتاحته أحيانا مشاعر ارتياح وأحيانا أخرى أفرغ من تركيزه وفقد السيطرة على أي معنى صحيح ...

انتظر المواطن أن تجلس الأحزاب على الأرض وتأخذ بيده فمن بعض أهدافها أن تهدئ من روعه

وتبعد عنه الاحتمالات ..فمن حقه أن يعدل وجهه على صوت ما يكون واضحا وصادقا يمكنه من

استحضار موقف ما دون عناء..ولن يكون ذالك إلا اعتبرت الأحزاب الإنسان غاية وليس وسيلة..

الكل يعلم ما للأحزاب السياسية من دور مهم في بناء الدولة ولن يصل هذا الدور بأهدافه إلى بر الأمان

إلا إذا تخلصت الأحزاب من إحساسها النخبوي إلى آخر جماهيري..فالجلوس الى العامة بمختلف

شرائحهم يفتح عميقا نحو ولادة الثقة ...فقد تبين أن هذا النفس الجديد- الذي هو وليد الثورة والتحرك

الشعبي ضد أي فعل سلطوي بكل مظاهره وأشكاله –يجب أن يحمل رسالة مهمة لكل الأحزاب وهي أن

الثقة بالناس والتفاعل مع هموهم وأوجه معاناتهم هو الحل الأمثل للتواصل ولن يعتمد ذلك كثيرا على

القول المنظم والجمل الرنانة والنداء بالإيديولوجيات..والحقيقة المطلقة ..والجنة الموعودة ..

إن الإنسان البسيط البطال وأحيانا الأمي ..لن تغريه أبدا شخصية كاريزمية يراها على شاشة التلفزة

..لقد فقد الثقة في كل ما هو"لماع" هذا الانسان البسيط يريد أناسا يتكلمون لغته ..يعددون

أحلامه..ويصفون وجهه ..التونسي لم تعد تستهويه

الشخصيات القادمة من المجهول ..التي لا تعرفه ولا تعرف حزنه..

إن الأحزاب السياسية هي نبض الشارع والدولة ..ولكن التونسي في حاجة الى أن تنسى هذه الأحزاب

سنين القمع والتغييب التي عايشتها..حتى لا تلازمها ردة الفعل الوحيدة وهي تعويض أيام الصمت

بالكلام طول الوقت ..وفي حاجة إلى أن تنسى سنين الظلم حتى لا تتعاظم لديها الرغبة في المصلحة الذاتية الضيقة ...

إن المواطن البسيط يبحث طول الوقت عن مكان ظليل وعن فلاح قدير...وأقسى ما يتعبه الآن إقامته

بين مخاضات متناقضة تغريه بأجنة مختلفة ..لقد خرج لتوه من معركة طويلة ..فلا تجعلوا لحظة

انفجاره تتحول إلى لحظة ارتداد خطيرة...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق