02‏/09‏/2011

من اجل انسنة السياسة ...من اجل مصداقية جديدة


هل السياسة فضاء للتصحير وقتل المعاني الكبرى؟ هل السياسة محض تدبير تقني واستفراغ الجهد في رسم جداول الحسابات ؟ما العلاقة بين سياسة بملمح الكابة والشح الانساني بمجتمع تسوده الرموز والمعاني في نفس الوقت الذي يسعى فيه الى درك اقصى المصالح؟لا شك ان بعض اهل السياسة لازالوا في معتقلات التمثلات العتيقة...يستبطنون في اعماقهم صور الكهان والاباء المعلمين في مجتمعات ندرة المعارف ...لازالوا عبيدا لهرميات قديمة اقتضتها اوضاع تاريخية امعنت في الانقضاء وامتنعت معها توابعها عن امكان التصريف في المشهد الراهن...ساسة يغلفون انفسهم بكل ايات التبجيل والصرامة خشية افتضاح فقر الداخل ووهن التركيب ...يعلنون انفسهم صفوة معصومة لا تشوبها شائبة من نقصات او خطا وما ابشع اقاويلهم وهم يهرعون الى الى كل لغات التبرير العقيمة عندما يخطؤون وكانهم يعتقدون ان الجمهور ينتظر حقا قائدا زعيما لايسيء التقدير ابدا يملك طاقات خارقة ترفعه عن قدريات الوهن الانساني ...ماذا ترك السياسي لنفسه اذا اعتقد انه فوق مراتب البشر ؟ لاشك انه فقد انتسابه الى النوع وتلك الكارثة ومازق الانتماء...لاشك ان جمال التجربة الانسانية في كسرها للدوائر المغلقة والدروب المسطورة واقدار الغرائز وضيق منظومات التواصل المغلقة...حرارة التجربة الانسانية في انفتاحها على الاحتمال واطلالها على روعة المغامرة ...فرادتها في حيويتها وتشابك ايقاعاتها فكم من المواعيد المهدورة وكم من الجهد سيؤول الى غير انتظاراته لحظة الشروع وكم من الغبطة القاتلة ستدك على الدوام توقعات المتوقعين وكم من الالام ستصاحب الانسان عندما ينكث الافق مواعيده ومع ذلك تستمر الحياة ويستمر الحلم وتتوهج حمرة الشفق ايذانا بازمنة ابهى....بعض الساسة يسيؤون الى انفسهم وهم ينخرطون في موكب السير بعيدا عن الانسانية بعزمها وباسها بضعفها ووهنها بروعة اخطائها بجمال ركوبها الخطر ...لاشك ان صورة السياسي لم تعد تقبل التمثلات الاسطورية لشخصيات خارقة ...نحن في ازمنة علوم الانسان في ازمنة الاهانات المتلاحقة التي نسفت التمثلات القديمة للكون والانسان ورسمت هذا الكائن في صورة اعمق واجمل صورة تجعله يترد على الدوام بين الكمال والنقصان دون ان يتماهى ابدا مع الحدين ...لقد تغيرت تمثلات المجتمع وتبدلت انماط تفكيره وطلق الكثير من الاوهام وعلى الساسة ان يسايروا نهر التحولات حتى لا يؤول امرهم الى صور الاراجيز وابطال المتاحف...الذكاء اكثر الاشياء قسمة بين الناس والمعلومة اضحت منسابة كشلال وتم كسر احتكار المعرفة والعلم بالاشياء وعلى السياسي ان يستوعب ذلك حتى لا يصير امره الى الكائن الاكثر غباء في المجتمع واشد الغباء ان يتوهم الانسان انه يتواصل مع اغبياء...صورة السياسي وهو في منتهى القسوة والحديدية قد ولت فلا احد يبغي التعامل مستقبلا مع كائنات الحديد ...صورة السياسي الذي يعتقد ان ربطة العنق من الاقدار قد ولت وهاهم فتية يتراسون دولا بلا رابطات عنق بل يديرون دولهم في مهرجان الوان تحكي ثقافة شعوبهم ...صورة السياسي المبرر قد ولت لان التبرير نكوص عن الاعتراف بالخطا واستعلاء غبي عن اقتدارات البشر ...صورة السياسي المحترف المختص زورا في السياسة قد ولت ايضا فكم من السياسيين يتقن الشعر والفن والادب وكرة القدم...صورة السياسي الذي يخجل من انفعالات الفرح والحزن والحب والكره قد ولت ايضا فعلى السياسي ان يبكي كغيره ويرقص عند الفرح الجماعي حتى لايضطر الى ما يعده محظورات في كواليسه الضيقة حماية لصورته المؤسطرة ويكفي ان الزعيم الفد كاسترو قد غنى ورقص امام الجميع رغم انه قائد احدى اعظم الثورات واكثرها نبلا في التاريخ المعاصر...صورة السياسي المحتال الذي يركب دائما مركب التكتيك والالعاب السحرية وراء الستار قد انتهت لان المتفرج لم يعد ذلك المنبهر بالالاعيب مشدودا الى اغتراب الايهام الارسطي بل صار واعيا وقد كسر خداع الايهام وصار منخرطا في الفعل منخرطا في عظمة السؤال...صور عديدة تهشمت وعلى السياسي ان يترجل وان يجوب الطريق جنبا الى جنب مع ابناء جلدته ان يتواصل معهم بعيدا عن كل ادعاء للكهانة وامتلاك الاسرار الكبرى ...عليه ان يرقص ويغني ويفرح ويتالم فما من احد ينتظر اليوم ان يقوده كائن قادم من مجرات بعيدة ...يكفي ان يكون امينا وان يقبل لعبة الاحتمال يكفي السياسي ان يكون انسانا وان يتنحى عند قصوره او مرور زمانه يكفيه في كلمة ان يكون وفيا لرهطه الانساتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق